الأحد، 9 أكتوبر 2011

الغدر والعزل السياسى ... بقلم د/ معتز بالله عبد الفتاح

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

سعت الهند وحلفاؤها فى أن تنضم الصين إلى الأمم المتحدة رغما عما بين الدولتين من عداء شديد. لماذا؟ لأن الصين بعيدا عن الأمم المتحدة ستكون بلا تمثيل دولى أو خضوع لأى معايير فى قراراتها أو سلوكها الخارجى أو الداخلى. أما أن تدخل فى دائرة «المواطنة الدولية» فهذا سيعنى إمكانية محاسبتها فى ضوء القانون الدولى بعيدا عن ظلمة الفوضى السياسية.


من يحترم القانون يريد للجميع أن يقعوا تحت طائلته. ولنتذكر أن قانونا استثنائيا للغدر والعزل السياسى غير مصاغ بعناية فائقة للغاية قد تكون تكلفته عالية للغاية. القوى التقليدية والقيادات الطبيعية فى الريف المصرى كانت تسعى دائما لأن تكون جزءا من الحزب الحاكم لتحقيق ثلاثة أهداف: أولا لأنه أداة تجميع مطالب وتصعيدها للحكومة فى «مصر» (وهم قطعا يعنون القاهرة). ثانيا أن انتماء معظم هؤلاء ليس للحزب وإنما للدولة المصرية بنفس منطق من كان عضوا فى الاتحاد الاشتراكى لأنها الأداة الرسمية التى يمكن فيها أن تؤثر فى قرارات الحكومة. وثالثا هى أداة للوجاهة الاجتماعية عند رءوس العائلات والأسر فى المناطق الريفية؛ وهى عندهم ذات دلالة خاصة.

ولا نريد أن نكرر فى مرحلة ما بعد الثورة أخطاء أمانة التنظيم فى الحزب الوطنى بإغلاق نوافذ التعبير السلمى والتشريعى أمام بعض القوى السياسية الأخرى (مهما كانت ضعيفة أيديولوجيا) بما قد يكون له آثار سلبية غير متوقعة فيزداد اعتقاد قطاع من المواطنين بأن الطرق القانونية للتغيير قد سُدت، وأن المجال الوحيد المتاح هو الخروج على القانون. من يدرس تأثير قوانين العزل واستبعاد النازيين (Denazification) فى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، والتخلص من آثار الحكم الشيوعى فى بعض دول أوروبا الشرقية أدى إلى آثار سلبية كثيرة عند قطاع واسع من المواطنين. وقد نجا من هذه الآثار السلبية أولئك الذين دخلوا برامج متخصصة من أجل استيعاب أخطاء المرحلة السابقة. وهو ما لا نفعله نحن باليقين.

إن الكثير من النواب والسياسيين والأحزاب تحت قبة البرلمان يكشفون أوراقهم وتنضبط أطر حركتهم، لكن إن تحولوا من «فلول الوطنى» إلى «مطاريد الثورة» فسيزدادون شراسة وهم طلقاء بعيدا عن قواعد لائحة المجلس وقرارات الأغلبية والقواعد القانونية المستقرة.

ومع ذلك أنا أرحب بأن يكون هناك قانون للعزل السياسى بشرط أن يطبق على الجميع من أنصار الحزب الوطنى ومن القضاة والضباط والإداريين والإعلاميين الذين ثبت أنهم قاموا أو أعانوا على التزوير فضلا عن قيادات الأحزاب الكارتونية التى دخلت فى «تمثيلية» الانتخابات وهم يعلمون أنهم يقومون بدور المحلل للفساد والاستبداد.

أخشى أن الكثير من المطالبين بتطبيق قانون العزل فقط على قيادات الحزب الوطنى لا يضعون معيارا موضوعيا ثم يطبقونه على كل من تتفق عليه هذه المعايير بغض النظر عن الانتماء إلى حزب دون آخر، بقدر ما هم يهدفون إلى إزاحة منافسيهم التقليديين لتحقيق أهداف حزبية أو شخصية منها مصالح وطنية.

مرة أخرى، إن كنا نريد تطبيق مثل هذا القانون فليطبق على كل من أفسد حياتنا السياسية وأدى إلى ما نحن فيه من محنة سياسية وثورة كان من الممكن أن نتجنبها لو أصلحنا قبل الانفجار. ولنبدأ بقيادات الحزب الوطنى، ولكن الدائرة لا بد أن تتسع لتشمل كل من أجرم مثل جرمهم السياسى.

وقديما قالوا: من ساواك بنفسه فما ظلمك؛ فلنعامل كل من أجرم نفس الجرم بنفس الطريقة إن كنا جادين فى مسألة تطهير حياتنا السياسية، وإن لم يكن، فلنترك للهيئة الناخبة أن تقول كلمتها.

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

0 تعليقات القراء :