السبت، 29 سبتمبر 2012

حديث القرآن عن إساءات السفهاء للأنبياء

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified


فيلم مسف أنتجه أناس يمثلون انحرافا عن الفطرة السليمة التي تقضي باحترام الرموز الدينية ولا سيما الأنبياء والمرسلون الذين كانوا ولا يزالون مصابيح الهدي للبشرية إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها‏.‏ هم أناس لا يسيئون إلي المسيحية حتي وإن انتموا إليها فالمسيحية منهم براء‏,‏ إنما هم يسيئون لذواتهم المريضة الحاقدة‏.‏
ولقد تابعت غضبة الإنسانية كلها من مسلمين ومسيحيين لهذه الإهانة التي توجه لرسول الله صلي الله عليه وسلم وهي غضبة مبررة ومشروعة إذا جاءت محكومة بالضوابط والقواعد التي تعكس صورة المنتسبين إلي الأديان إذا أرادوا التعبير عن آرائهم.
ولعل المدقق في القران الكريم لا يتعجب من هذا التطاول علي الأديان وقيمها وعلي الأنبياء وسيرهم العطرة, بل وعليه أن يتوقع منه المزيد فعليه أن يستعد لضبط غضبه والتحكم في مشاعره وعدم الخروج علي قيم الأديان عند التعبير عن حالة عدم الرضا.
ولعلنا نرصد عبر السياق القرآني حالات صارخة للتطاول علي صفوة الخلق وهم الأنبياء وحتي علي أولي العزم منهم الذين جمع الله أسماءهم العطرة في قوله تعالي شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي أوحينا إليك, وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه الشوري13 فهذا نوح عليه السلام يرميه قومه بالضلالة قال الملأمن قومه إنا لنراك في ضلال مبين ألأعراف60, كما نعتوه بالكذب وأن أتباعه أراذل البشر فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نري لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين هود27
ونعت نوح بالجنون كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر القمر ــ9
وألقي القبض علي خليل الرحمن ابراهيم بتهمة ازدراء الآلهة واقتاده قومه لإحراقه قالوا حرقوه و انصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين الأنبياء ــ68 ورصد القران حالة تعرض الكليم موسي عليه السلام للأذي من قومه يأيها الذين امنوا لا تكونوا كالذين أذوا موسي فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله و جيها الاحزاب ــ69
بل و وصف موسي بالافساد في الأرض وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسي و قومه ليفسدوا في الأرض الأعراف ــ127
و نعته فرعون بقوله إنه لكبيركم الذي علمكم السحر طه ــ71
كما وصفه بقوله أم أنا خير من هذا الذي هو مهين و لا يكاد يبين الزخرف ــ52
وواجه عيسي عليه السلام الكفر في أقبح صوره حتي أنه نادي ربه فلما أحس عيسي منهم الكفر قال من أنصاري إلي الله قال الحواريون نحن أنصار الله أمنا بالله و أشهد بأنا مسلمون آل عمران/52
و تطاول المتطاولون علي أمه الطاهرة القانتة العفيفة و بكفرهم و قولهم علي مريم بهتانا عظيما النساء/150
و نعت محمد صلي الله عليه و سلم بأوصاف كثيرة تعكس تطاولا لا حدود له لإسفافه فقد وصف بالجنون ما أنت بنعمة ربك بمجنون القلم/2
ووصفه خصومه بالشعر و الكهانة وما هو بقول شاعرقليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون الحاقة/4241, و أشاع عنه الكفار أنه افتري هذ القران أم يقولون افتراه الأحقاف/8, هود/13
و من خلال السياق القرآني يتبين لنا أن الهجوم علي الأنبياء ليس جديدا, وأن التطاول علي القيم الايجابية التي حملوها إلي البشر معروف منذ آلاف السنين.
وأري أن السياق القرآني يزودنا بالمناعة ضد هذه الترهات والتفاهات و يجب ألا نتعجب منها فأصحاب الإنجازات التي غيرت مجري تاريخ البشرية لابد أن يكون لهم أعداؤهم و حسادهم.
كيف نتصرف ؟؟
أولا: ــ الاعتراض علي هذه البذاءات حق ديني وواجب إنساني بل ومطلب حضاري يجعلنا ندافع عن تلك الرموز التي أفاضت علي الإنسانية علما و نورا و قدوة.
ثانيا:ــ لابد أن يأخذ الاعتراض أشكالا حضارية و أساليب مشروعة لا يكون بينها بالطبع التعدي علي السفارات, وإيذاء الدبلوماسيين. اغضبوا ولا تغضبوا رسول الله صلي الله عليه وسلم واجعلوه قدوة لكم وانظروا إليه يوم تطاول عليه شعراء الكفر لم يأمر بقتلهم ولا بسحلهم ولا بسجنهم إنما أمر شعراء الإسلام( عبد الله بن رواحه وكعب بن مالك وحسان بن ثابت) بالرد عليهم.
ثالثا: ــ إن هؤلاء المتطاولين لا يمثلون إلا أنفسهم, و ليس فيما حدث أدني إساءة للمسيحية كدين سماوي, ولا للمسيحيين في الخارج أو في مصر و لا ينبغي ان يكون رد الفعل الغاضب موجها لأناس لا ذنب لهم فيما حدث, ولا يجوز أن يعتدي أحد علي افراد الامن.
رابعا:ــ إن أقباط مصر هم جزء أصيل من نسيجها الحضاري ولا يتخيل أن تكون مصر إلا بهم كما أن وطنيتهم وولاءهم لا مجال للمزايدة بشأنها, ولا ينبغي أن يكون هذا الحادث مدعاة لحدوث احتكاك بين المسلمين والمسيحين تفضي إلي فتنة طائفية فهذا هو الهدف الذي تسعي إليه بعض الدوائر الغربية.
خامسا: ــ إن سياسة ضبط النفس والتحلي بالصبر والنفس الطويل الأساس الذي نبني عليه, فهذه الحملات الخبيثة ستتوالي وربما تتصاعد ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذي كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور آل عمران/.186
سادسا: ــ إن ماحدث يستوجب وقفه حاسمة ليس علي مستوي الرأي العام الشعبي فحسب بل وعلي مستوي الصفوة الحاكمة في العالمين العربي والإسلامي فالعلاقات السياسية والاقتصادية بل والتعاون العسكري ينبغي أن تكون مجالا لإعادة النظر ولاسيما مع الدول التي تخرج من بين جنباتها هذه الأفكار الخبيثة.
سابعا: ــ ضرورة أن تنهض وسائل اعلامنا بتوجيه حملات إلي المجتمعات الغربية تحوي برامج ومضامين توضح الوجه الحقيقي للإسلام كدين ينبذ العنف والتطرف ويحقن الدماء ويدعو إلي التعاون والإخاء والسلام واحترام حقوق الانسان.

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...