السبت، 9 يونيو 2012

محامي الطعن على «العزل»: القانون مخالف للشريعة الإسلامية.. والرسول لم يعامل الكفار بهذا التعسف!

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

ننشر الدعوى المُحالة من «الإدارية العليا» إلى المحكمة الدستورية بتاريخ ١٢ مايو الماضي، للفصل في دستورية قانون العزل ، نَص الدعوى، التي حصلنا على نسخة منها، ومكنت المحامي وائل بهجت ذكري من إقامتها أمام الدستورية ضد كل من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، إضافة إلى رئيس الوزراء، والتي قيدتها الدستورية برقم 92 لسنة 34 قضائية، وقد استند المحامي في دعواه التى طالب فيها بالحكم بعدم دستورية القانون، إلى عدم دستورية إضافة الفقرة «4» للمادة «3» من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعروف بقانون العزل السياسي ليس دفاعا عن أحد ضد أحد بل بحث عن الشرعية الدستورية حتى لا تلوث ثورة يناير، ذكرى أرفق بدعواه مذكرة طالب فيها المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة بضرورة ضم دعواه إلى دعوى اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ضد القانون، مضيفا أنه في الوقت الذي أكد فيه تقرير المفوضين بالمحكمة عدم قبول طعن العليا للرئاسة لكون اللجنة جهة غير مختصة بمخطابة «الدستورية» وإحالة الدعاوى إليها، فينبغي على المحكمة، حسب ذكري، أن تفصل في موضوع قانون العزل ومدى دستوريته من عدمه، خصوصا أن دعواه توافر بشأنها شروط الشكل، مطالبا المحكمة بضم دعواه إلى طعن العليا للرئاسة والفصل فيهما فى جلسة الخميس القادم.

دعوى ذكري استندت لتأكيد عدم دستورية القانون إلى أربعة أسباب: الأول افتقار القانون إلى شرط العمومية والتجريد، وهو مبدأ من أهم المبادئ الدستورية، فمن المستقر عليه فقهًا وقضاءً أن أهمّ خصيصه للقاعدة القانونية أن تكون عامة ومجردة، وقانون العزل حسب، دعوى ذكري، مجافٍ لهذه القاعدة ولا ينقصه سوى تحديد أسماء المستبعَدين، فتَخيّر وظائف دون أخرى كأن الفساد اختصّ به بعض المسؤولين فيطبق على رئيس الوزراء دون الوزراء.

الدفع الثاني الذى ساقه ذكري في دعواه هو مخالفة القانون مبدأ رجعية القوانين، فالقانون، حسب ذكري، يطبق تلقائيا جزاء الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية بمجرد ثبوت الصفة الوظيفية المحددة به وفي فترة زمنية سابقة على نفاذه وبغضّ النظر عن سلوك صاحبها وما إذا كان قد باشر نشاطا غير مشروع أو أخل بواجبات وظيفته، مضيفا أن تطبيق القانون بأثر رجعي على نشاط سابق لنفاذه ينطوي على شبهة مخالفة مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليها في المادة 19 من الإعلان الدستوري التي تنص بشكل مطلق على أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون مخالفا بذلك المبادئ الدستورية المستقرة في كل الدساتير المصرية منذ دستور 1923 حتى دستور 1971، مضيفا أن تطبيق قانون العزل السياسي اعتبارا من 24/4/2012 يترتب عليه توقف مباشرة الحقوق السياسية للطوائف التى حددها بطريقة تحكمية بصورة تلقائية إذ لم يتطلب المشرع أكثر من ثبوت الصفة الوظيفية المحددة بغض النظر عن سلوك صاحبها إبان شغلها وما إذا كان أفسد الحياة السياسية من عدمه وما إذا كان قد ارتكب أى جريمة جنائية أو أخلّ بواجباته الوظيفية من عدمه فلم يسند القانون إلى أى جهة قضائية سلطة مراقبة تطبيق أحكامه، السبب الثالث للتدليل على عدم دستورية «العزل»، حسب طعن ذكري، هو تعارضه مع الشريعة الإسلامية «المصدر الرئيسي للتشريع، فوفقا للطعن لم يذكر التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية واقعة واحدة فى عهد الرسول أنه تعامل مع مخالفيه الذين كانوا كفارا بهذا التعسف الغريب».

مخالفة قانون العزل السياسى للأحكام الموضوعية للدستور هو الدفع الرابع الذى ذكره ذكرى فى دعواه أمام «الدستورية»، فقانون العزل حسب بهجت يخالف المواد «7» و«17» و«20» و«21» و«22» من الإعلان الدستورى، مضيفا أنه حسب ما استقرت عليه أحكام المحكمة الدستورية العليا.

الحقوق السياسية تُعتبر من الحقوق العامة التى حرص الإعلان الدستورى على حمايتها فى المادة «17» منه وكفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها، ولم يقف القانون عند مجرد ضمان حق كل مواطن فى ممارسة تلك الحقوق، بل جاوز ذلك باعتبار إسهامه فى الحياة العامة عن طريق ممارسته لها واجبا وطنيا يتعين عليه القيام به فى أكثر مجالات الحياة أهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية، ومن ثم فإن إهدار تلك الحقوق يعد بدوره مخالفة لأحكام الدستور ممثلة فى المادة «17» من الإعلان الدستورى، لافتا إلى أن الأصل فى سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية وأن الرقابة على دستورية التشريعات لا تمتد إلى ملاءمة إصدارها، إلا أن هذا لا يعنى إطلاق هذه السلطة فى سنّ القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التى نص عليها الدستور.

دعوى وائل بهجت استشهدت بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر برفض استبعاد أعضاء الحزب الوطنى من الترشح للانتخابات البرلمانية، وما قضى به أنه من غير الجائز بحال أن تكون الأحكام المتعلقة بالمقومات الأساسية للمجتمع وحقوق وحريات الأفراد محلا للتعطيل لأنها وفق طبيعتها لصيقة بالمواطن لا تقبل تعطيلا أو وقفا أو انتقاصا، ذلك أن تعطيله لا يعنى بحال تعطيل ما وقر واستقر من حقوق وحريات وما يتعلق بها من مبادئ أساسية فى كيان المواطنين عقدا وراء عقد وجيلا بعد جيل، الأمر الذى مؤداه عدم جواز المساس بأى من ذلك عسفا بها أو نيلا أو انتقاصا، ولذا حرص الإعلان الدستورى الصادر فى 30/3/2011 على تقنين بعض ما كان منصوصا عليه فى دستور 1971 من حقوق وحريات عامة وما يتعلق بها من مبادئ أساسية بحسبان أن هذا الإعلان لا يمثل فى حقيقة تكييفه سوى التزام على عاتق المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يتولى إدارة شؤون الدولة بما تَضمَّنه هذا الإعلان، قانون العزل السياسى حسب الدعوى المنظورة أمام الدستورية أهدر مبادئ تكافؤ الفرص والمساواة، فمايز بين من شغل بعض الوظائف العامة من المخاطبين بأحكامه خلال عشر سنوات ونظرائهم ممن شغلها قبل هذا التاريخ من ناحية ونواب رئيس الوزراء والوزراء رغم كونهم من قيادات الحزب الوطنى الديمقراطى المنحل.

وذكرت الدعوى أن الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية هو جزاء يتفق فى خصائصه مع العقوبة الجنائية فهو يمثل عقابا يتحقق به معنى الإيلام والردع، وقد فرضه المشرع جزاء نشاط تم وهو إفساد الحياة السياسية، ومن ثم فإن مجرد تولى المناصب فى الدولة أو الاشتراك فى حزب سياسى لا يدل بذاته على أن من كان فى هذا المركز قد شارك فى إفساد الحياة السياسية ومن ثم لا تصلح لنقض قرينة البراءة التى أكدتها المادة «20» من الإعلان الدستورى وأوردتها جميع الدساتير المتعاقبة والمواثيق الدولية، ودلل ذكرى فى هذا السياق بما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا فى كثير من أحكامها بأن أصل البراءة مفترَض.. فقد وُلد الإنسان حرا.. مطهرا من الخطيئة ودنس المعصية.. ولم تنزلق قدماه إلى الشر.. ولم تتصل يده بجور أو بهتان.. ويفترض وقد كان سويا حين وُلد حيا أنه ظل كذلك متجنبا الآثام عبر تباينها.. نائيا عن الرذائل على اختلافها.. ملتزما طريقا مستقيما لا يتبدل اعوجاجا.. وهو فرض لا يجوز أن يتحمل توهما.. بل يتعين أن يُنقض بدليل مستنبط من عيون الأوراق وعن بصر وبصيرة ولا يكون كذلك إلا إذا أُدينَ بحكم انقطع الطريق إلى الطعن فيه فصار باتًّا.

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...