السبت، 17 مارس 2012

البرلمان الحنجورى والدكتور الجنزورى ... بقلم د/ لميس جابر

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified


شاهدت موكب رئيس مجلس الشعب الشهير بـ«برلمان الثورة» وهو موكب متقشف وبسيط مراعاة لظروف البلد الاقتصادية التعبانة ويتكون هذا الموكب من موتوسيكل بسارينا وخلفه عربية نجدة بسارينا برضه ثم عربة 4*4 ضخمة ضخمة لا أعرف ماركتها لأنى ماليش فى العربيات خالص..


ثم العربة الخاصة برئيس المجلس وهى ماركة «بى إم» ودى عرفتها لوحدى.. ويقفز الجالس بجوار السائق ويسرع بفتح الباب ليخرج الرئيس ويخطوا إلى داخل المبنى وحوله المستقبلون الذين ما إن رأوه حتى علت أصواتهم بالتهليل والتكبير وكأننا فى صلاة العيد وظل التهليل والتكبير حتى صعد الرئيس الى الدور العلوى لا اعتراض لى على ذلك الموكب فى حد ذاته لأن النزعة الاستعراضية لكل المجلس بنوابه ورئيسه عالية الجودة خاصة مع وجود قناة تليفزيونية خاصة بهم فقط وطبعاً الأهل والجيران والمعارف بيتلموا حواليها كل واحد مستنى النائب بتاعه وطلع يصرخ ويسب ويشتم فى أى حد وهما فى البيوت يطلقوا الزغاريد ويدبحوا زفر.. وهذه ليست سخرية  منى لا سمح الله ولكنه كلام أحد النواب الذى قال طالباً الكلمة إن الجماعة بيقولوا ما بتتكلمش ليه فى المجلس زى اللى بيتكلموا دول...؟

وهذا المجلس النيابى الأول فى العهد الجديد لم تصدر عنه حتى اليوم أى توصية أو قرار أو لجنة تقصى حقائق أو تحقيق أو استجواب فى صميم اختصاصه بل تكاد تكون كل الصيحات العنترية من اختصاص  سلطة أخرى ليس له الحق فى التدخل فى شئونها والنواب الى يومنا هذا إما قضاة أو محامين أو مفتشى مباحث أو ائتلاف ثوار معترضين أو معتصمين أو شتامين... حتى الراجل السلفى المحترم راح عمل عملية تجميل فى مناخيره وألف قصة من قصص «كورومبو» من أجل اخفاء الحقيقة حتى لا يغضب عليه الإخوان والسلفيون ويقولوا له التجميل «حرام»..
وأنا شخصياً بعد أحداث محمد محمود والتوصيات التى صدرت بنقل وزارة الداخلية الى أى مكان آخر بطلت أتابع المجلس الموقر لأن المنطق مادخلش دماغى فقد اعتبروا أن الشارع معمول أصلاً ومصمم خصيصاً للمظاهرات وأن الداخلية عزلت من حتة ثانية وجاءت لاقتحام الشارع وشيدت مقرها عنوة فى وسط الشارع لازعاج المتظاهرين فى مقر عملهم وأثناء تأدية وظيفتهم وتعمدت الوقوف فى مرمى الطوب والمولوتوف والرش وعطلتهم عن حرق باقى المنازل والمدارس والدكاكين وهذا أسلوب قمعى مفرط... بعد ذلك الحدث الفريد تابعت الأخبار من بعيد لبعيد فهم مرة يشكلوا لجنة من الصحة ولجنة لتقصى الحقائق ورايحين جايين من المجلس لطرة والعكس من أجل عمل حجرة عناية مركزة لنقل الرئيس السابق ومرة الحجرة حلوة ومرة الحجرة مناسبة  وما أعرفش اتكلفت كام وفى النهاية وبعد بدل المواصلات وبدل اللجنة والمشاوير والساقع عرفوا أن قرار النقل هو من اختصاص المحكمة وليس من اختصاصهم... وخلاص وسكتوا  ودخلوا على محاكمة وزير الداخلية وافتعال الشجار والخناق وكانت حكاية الخرطوش الفارغ والمليان ثم الاعتصام وسب المجلس العسكرى والمشير طنطاوى ثم بعد مجزرة بورسعيد فوراً قالوا: كله من طرة واللى فى طرة!! افصلوهم عن بعض عشان عندما يكونوا سوا سوا بيعملوا مؤامرات.. وفصلوهم وقرر المجلس زيارة السجن عشان النواب يملوا عينيهم بالمساجين ويرضوا ضميرهم بالتشفى اللازم وان كان حد خبيث قال إنهم أخذوهم بالأحضان والقبلات.

ثم أخيراً وبعد مرمطة كام وزير من الأكفاء.. قرروا سحب الثقة من وزارة الدكتور الجنزورى!! لماذا؟ ظننت فى بادئ الأمر أن الوزارة فى نظرهم مقصرة فى إدارة البلاد وقلت كيف وهذه الوزارة تعمل وسط ظروف لم نرها فى مصر من قبل ولم نرها فى الأفلام الأبيض والأسود.. البلد تترنح من الإرهاق والفوضى والفقروتوقف العمل وعدم الانتاج والبلطجة والإعلام الذى يخرب العقول ويدفعها الى عدم التفكير وعدم المنطق فى الحكم على الأمور.. قالوا لا ليس هذا هو السبب.. بل بسبب مسئوليتها عن فضيحة سفر المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى والإهانة التى لحقت بشعب مصر...!!
الصراحة الكلام كبير..  كبير.. لأننا طول عمرنا أسود على الأمريكان ولو حد فيهم قال كلمة كده ولا كده كنا نشن عليهم حرب شعواء ونهددهم بالويل والثبور وعظائم الأمور حتى بالأمارة مرة قطعنا عنهم المعونة وكمان عملنا عليهم حصار وعقوبات اقتصادية فظيعة لغاية ما «هيلارى» جت لغاية المقطم وزارت الإخوان فى مقرهم وطلبت منهم العفو والسماح وبعدها جاء «كارتر» الرئيس السابق وباس ايديهم سامحوا الشباب الأمريكى الغلبان المخدوع فى منظمات المجتمع المدنى.. وحتى الصحفى الشتام قليل الأدب «توماس فريدمان» جاء لزيارتهم وقال انه منبهر بأداء الإخوان فى الانتخابات والأخ «چون ماكين» أبوالمنظمات كلها على بعضها جاءو أخذ البركة هو الآخر.
عندهم حق لماذا تترك الحكومة المصرية التسعة عشر متهماً أمريكياً ليغادروا مصر؟ هل لأنهم رعايا أمريكان ولأن أمريكا ست العالم كله وتاج راسه مثلاً؟ أم ان الحكومة ليس لها أدنى دخل والخطأ خطأ قضائى لأن المتهمين أمثالهم من المصريين لم يمنعوا من السفر؟ فكيف يمنعوهم من السفر؟!
ياإخواننا مش كده.. البلد حالتها بالبلا وأنتم تقومون بتمثيل دور مكشوف لا يقبله عقل طفل صغير.
الست هيلارى تملى علينا أوامر منذ توليها منصباً ومنذ يناير 2011 وهى التى قالت: «الرئيس لابد أن يرحل الآن.. الآن» وهى التى قالت إنها صرفت مليارات على تدعيم الديمقراطية فى مصر وهى التى قالت إن علاقتها بالإخوان جيدة وأنها تدعو كل السياسيين الأمريكان بالتواصل معهم وأنها بالنيابة عن كل الأمريكان لا تمانع مطلقاً فى توليهم الحكم فى مصر.. وغيره وغيره.. ألا يعتبر كل هذا تدخلاً سافراً وحقيراً ومخزياً فى شئون مصر الداخلية.. وعندما هددونا بقطع المعونة سواء المالية أو العسكرية أليس هذا ضغطاً وقهراً ولوى ذراع وهذا التصريح الأخير بالإصرار على تدعيم الديمقراطية ألا يشتم منه رائحة بجاحة وقلة حياء.. ولماذا عندما قام النائب «مصطفى بكرى» وصرخ  محذراً بمؤامرة الفتنة والخراب والحرب الأهلية وإسقاط الدولة وتقسيم مصر لم تهتز لأحد من النواب شعرة ولم يؤيده أحد ولم يقتنع أحد بأن كل هذا المخطط هو الاهانة والاحتقار والنظرة الدونية لمصر والتآمر الصريح على الدولة المصرية..

أرجوكم.. اتخذوا من المواقف الحنجورية ما هو فى استطاعتكم وما هو فى حدود قدراتكم وقدرات الوطن الذى تمثلون شعبه..
واعلموا أن الدكتور كمال الجنزورى الذى تولى هذا العبء المضنى وتحمل هذه المسئولية الجسيمة وفى وقت هو الأشد حرجاً ودقة وصعوبة فى تاريخ مصر القريب.. هو لا يهدف من وراء المنصب الى شهرة ولا إلى مال ولا إلى مكسب أدبى ولا يبحث عن بطولة.. هو فقط يحاول المساعدة فى انقاذ السفينة قبل أن تغرق من اجل الوطن والوطن فقط بدلاً من هذه التمثيلية المكشوفة ومحاولاتكم المستميتة لتشكيل حكومة اخوانية سلفية مشتركة.. تعلموا من هذا الرجل كيف يكون الوطن أولاً قبل المصالح والمناصب وسدة الحكم... وتذكروا أنكم لم تشكلوا هذه الحكومة  حتى يكون لكم الحق فى سحب الثقة منها واسقاطها.

وإن البرلمان هو نواة الحكم الديمقراطى وليس مكاناً للتسلط والتجاوز والاستعراض.
وأن الوطن يحتاج لمن ينظر الى الغد لا إلى الأمس حتى وإن كان الأمس القريب.

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...